• العدد الثامن (PDF)ا

    .

دور الزكاة في التنمية المستدامة


 دور الزكاة في التنمية المستدامة

الزكاة ركن من أركان الإسلام، فرضها الله - سبحانه وتعالى - على عباده القادرين؛ على أن تُدفع وفقاً لشروط محددة، وإلى جهات محددة، وبنسب معينة. وقد شرعها الله سبحانه وتعالى لحكمة بالغة وغاية مهمة؛ حيث أثبتت الدراسات الاقتصادية الحديثة ما للزكاة من دور بالغ في دفع العجلة الاقتصادية للدول الإسلامية، وكذا حل بعض المشكلات التي تعيق التنمية، فالزكاة حل اقتصادي للعديد من الأزمات والمشكلات التي تعصف بالنظم المالية.

تلعب الزكاة دوراً حيوياً في إنعاش الاقتصاد وتحقيق التنمية، وذلك نتيجة لثلاثة عوامل أساسية ومترابطة؛ وهي: محاربة الاكتناز، وتشجيع الاستثمار، وتشجيع الإنفاق.

ومن أهم الأهداف التي تسعى إليها الزكاة منع اكتناز الأموال، حتى لا تبقى كموارد ساكنة لا تقدم منفعة حقيقية لاقتصاد المجتمع. ومع وضوح هذا المبدأ الإسلامي في عدم إبقاء قطعة أرض لأكثر من ثلاث سنوات دون إعمار، إلا أنه يتضح أكثر في الأموال السائلة، والتي لا يجب أن تبقى مكتنزة أكثر من سنة.

وهذا يتوافق مع مبادىء الاقتصاد العالمي المعاصر، والذي يؤكد أن اكتناز الأموال من أهم العوامل التي تعوق التنمية الاقتصادية للدول؛ لأن هذه الموارد الراكدة لا تدخل في عجلة الاقتصاد، وبالتالي تقلل من حجم الموارد المحلية، وذلك يؤدي بدوره إلى مستوى تنموي أقل بكثير. ص 5

إن مفهوم الزكاة يشجع ضمنياً على استثمار الأموال المكتنزة؛ لأن رؤوس الأموال إذا لم تُستثمَر وتُنَمَّى فسوف تتلاشى مع مرور السنين بالزكاة، مما يضطر صاحبها لتنميتها.

إن العملية الاقتصادية في كل مكان وزمان تعتمد على دورة رأس المال التي يتم من خلالها انتقال الأموال نتيجة العمليات الإنتاجية والتجارية والخدمية التي تدخل ضمن الناتج المحلي الخام للدولة، وتؤدي هذه العملية إلى تجمع الأموال وتراكمها لدى فئة معينة وهي فئة أصحاب رؤوس الأموال، أما باقي الفئات فيكون نصيبها أقل من أصحاب رؤوس الأموال، كما أن هناك فئات في المجتمع قد لا تدخل في العملية الاقتصادية أساساً نتيجة ضعف أو انعدام مواردها المالية. ففرض الشرع الزكاة على أصحاب الأموال (بأصنافها المتنوعة) الذين يملكون نصاباً محدداً، وحدد قيمة الزكاة المفروضة في كل صنف؛ {... كَيْ لاَ

  • صدقة؛ لأن ذلك لا يطهر النفوس ويساعد الفقراء والمساكين فحسب، بل يساعد على تداول الأموال وينعش الاقتصاد.
  • صدقة؛ لأن ذلك لا يطهر النفوس ويساعد الفقراء والمساكين فحسب، بل يساعد على تداول الأموال وينعش الاقتصاد.
  • صدقة؛ لأن ذلك لا يطهر النفوس ويساعد الفقراء والمساكين فحسب، بل يساعد على تداول الأموال وينعش الاقتصاد.
  • صدقة؛ لأن ذلك لا يطهر النفوس ويساعد الفقراء والمساكين فحسب، بل يساعد على تداول الأموال وينعش الاقتصاد.

 

يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاء مِنكُمْ ...} [الحشر:7]. وبذلك يدخل الشرع هذه الطبقة المعدمة في دورة رأس المال داخل الدولة.

ومن أهم الأهداف التي تسعى إليها الزكاة تشجيع الإنفاق؛ فطبقاً للنظريات الاقتصادية المعاصرة، فالاستثمار وحده ليس كافياً لتحقيق اقتصادية حقيقية، بل لا بد من وجود قدرة شرائية عن الناس ليشتروا نتاج هذه الاستثمارات، والزكاة بدورها تُوجد القدرة الشرائية عند الفقراء الذين هم أكبر الشرائح داخل المجتمعات. فهناك ارتباط تام بين الاستثمار والإنفاق؛ لأن قلة الإنفاق تضعف السوق، وبالتالي يحجم المستثمرون عن المجازفة بأموالهم في استثمارات جديدة مع انعدام الاستهلاك. ولو نظرنا إلى القرآن الكريم، لوجدنا كلمة إنفاق مذكورة خمساً وسبعين مرة في نطاق تشجيع المسلمين على صرف أموالهم على شكل زكاة وصدقة؛ لأن ذلك لا يطهر النفوس ويساعد الفقراء والمساكين فحسب، بل يساعد على تداول الأموال وينعش الاقتصاد.

المنزعجون من أسلمة تركيا

إسماعيل ياشا

تحدث أحد أدعياء الليبرالية العرب قبل أيام في برنامج الاتجاه المعاكس الذي تبثه قناة الجزيرة الفضائية ويقدمه الإعلامي الشهير فيصل القاسم، عن "أسلمة تركيا في عهد حزب العدالة والتنمية بقيادة رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان".

الرجل استشهد لتعزيز انتقاداته بكاتب صحفي إسرائيلي، وقال إنه، أي الكاتب الإسرائيلي، ذكر أن "عملية أسلمة تركيا" لا تقف عند حدود محاولة الانقلاب الفاشلة، بل تعود إلى ما قبل ذلك، وتستمر منذ ٢٠٠٣، وأن أردوغان عمل بشكل قوي على "أسلمة تركيا". ثم بدأ يعدُّ ما قام به رئيس الجمهورية التركي من أجل "أسلمة تركيا"، وأشار إلى أنه قيد استخدام الكحول، وفصل ما بين سكن الطلاب والطالبات، وسمح بارتداء الحجاب في المدارس، بل فعل شيئا أكبر من ذلك حين سمح بإقامة الصلوات في بعض الجهات الحكومية. ثم ادَّعى المتحدث بأن كل هذه مخالفة للدستور التركي.

لو كان من قال كل هذا شخص غير مسلم يعيش في بلاد غير إسلامية لقلنا إنه يجهل الإسلام كما يجهل تركيا وشعبها المسلم. ولكن أن يخرج سعودي أو كويتي أو أحد من المسلمين العرب، ينتقد أردوغان لأنه يضع قيودا لبيع الخمور، ويسعى إلى أسلمة تركيا أمر في غاية الغرابة ويثير الدهشة.

لا أدري، ما الذي يريد أمثال هؤلاء بالضبط، فهل يريدون أن لا يكون أي قيد لبيع الخمور، بحيث يمكن للأطفال الصغار والطلاب والطالبات شراءها في أي وقت، صباحا أو مساء، ومن أي مكان، سواء من المحلات القريبة من المدارس والمساجد أو الأسواق الشعبية والميادين العامة وغيرها.

هل يريدون مثلا أن لا تقام الصلوات في الدوائر الرسمية والجهات الحكومية، أو يريدون حظر الحجاب في المدارس والجامعات، وحرمان الطالبات المحجبات من حق الدراسة؟ هل يكفيهم هذا القدر من محاربة الحقوق والشعائر الإسلامية في مقابل حرية بيع الخمور واستخدامها بلا قيد أم لديهم شروط أخرى لا بد من تحققها كي لا يتهموا أردوغان بالسعي إلى أسلمة تركيا؟ ثم من قال لهم أصلا إن كل ما ذكروه يعني أسلمة بلاد هي في الحقيقة مسلمة أو من قال لهم إن السعي إلى أسلمة بلاد تهمة؟

لو كان هؤلاء ولدوا وعاشوا وتربوا في بلاد لا يعرف فيها الناس أي شيء عن حقيقة الإسلام لتفهمنا إلى حد ما هذه الانتقادات التي يوجهونها إلى قادة تركيا حول تقييد بيع الخمور والسماح للمحجبات بالدراسة في الجامعات وما إلى ذلك، وقلنا إن انتقاداتهم سببها جهلهم بالإسلام والمجتمعات المسلمة، ولكن المصيبة أن هؤلاء مسلمون ولدوا وعاشوا وتربوا في البلاد الإسلامية وبين ظهراني المسلمين. وتكبر المصيبة حين يدَّعي هؤلاء بأنهم ينتمون إلى الفكر الليبرالي الذي يدعو إلى الحرية واحترام الحقوق وإرادة الشعوب.

المواطنون في تركيا عانوا كثيرا من العلمانية المتوحشة التي تحارب الإسلام، وترى كل ما يتعلق بالتدين خطرا عليها. وحرموا من سماع الأذان باللغة العربية لسنين طويلة. وكان تعليم قراءة القرآن الكريم وتحفيظه ممنوعا في البلاد. ثم جاء الحزب الديمقراطي برئاسة عدنان مندرس، لينهي تلك الحقبة المظلمة. وفي عهد حزب الوطن الأم برئاسة تورغوت أوزال عاش المواطنون في تركيا أجواء الحرية لحد ما، إلا أن وطأة العلمانية المتوحشة اشتدت مرة أخرى بعد إسقاط حكومة أربكان الائتلافية. وجاء أخيرا حزب العدالة والتنمية برئاسة أردوغان ليفتح صفحة جديدة في البلاد. وما قام به أردوغان منذ ٢٠٠٣ خطوات تجعل المواطنين سواسية ليتمتع المواطنون المتدينون ذات الحرية التي يتمتع بها غير المتدينين. وهل هذا أمر ينتقده مسلم وينزعج منه؟

موقع ترك برس

الإسلاميون والحكم
تحديات ومرجعات لابد منها . عادل أوزنكين

الحقيقة التي لا يستطيع أحد أن يتجاهلها وينكرها أن حركات الإسلام السياسي هي الأكثر شعبية وحضوراً داخل المجتمعات المسلمة، وهي من أقوى القوى السياسية المنظمة ذات المبادئ داخل المجتمع. لكن هذه الشعبية التي تمتلكها لم تنعكس إيجابياً في إدارتها للبلاد وإمساكها بزمام الأمور، وذلك لعدة أسباب نحاول إيجازها كالتالي:

إن ثورات الربيع العربي فاجأت الإسلاميين كما فاجأت غيرهم، فساروا مع الموجة مطالبين بحقوق الشعوب في تقرير مصيرها، وحُقَّ لهم ذلك، فهم البديل الطبيعي للأنظمة المستبدة. ولكن الخلل الذي طرأ عليهم أنهم لم يقرؤوا الواقع بشكل سليم، ولم يحسبوا حساب القوى الإقليمية والدولية، فميزان القوى لم يكن في صالحهم كما كانوا يعتقدون، فلم يكن لهم برنامج متكامل وخبرة في إدارة الثورة وإدارة البلاد، ناهيك عن تخطيط يراعى فيه الأولويات لكل مرحلة على حدة. فمع أن موقف الإسلاميين من ملفات وقضايا - مثل الحريات العامة وتبادل السلطة والأقليات والمرأة والاقتصاد والبيئة وما إلى ذلك - كان إيجابياً نوعاً ما، إلا أن تطبيق هذه المفاهيم في أرض الواقع، وإيجاد حلول لمسائل شائكة لم يكن على المستوى المطلوب. وذلك لعدة أسباب؛ منها: إعاقة الأنظمة المستبدة والغرب لأي عملية إصلاحية تصب في خانة الإسلاميين، ومحاولة إفشالها بشتى الطرق. وفي الطرف الآخر نجد الأنانية السياسية، والعجز عن استيعاب الآخر، والإرث التاريخي المتمثل في الانفراد بالسلطة، ونقص الكوادر السياسية والفكرية لدي الإسلاميين، حالت بينهم وبين النجاح. بالإضافة إلى شعوب مغلوبة على أمرها لم تنضج سياسياً بعد، وسلبية في بعض الأحيان. كل هذه وأشباهها عرقلت الإصلاح المرجو لتحرير الأوطان والإنسان.

إذاً فالإسلاميون فشلوا وأفشلوا في نفس الوقت، لذا فعليهم مراجعة حساباتهم، ونقد ذاتهم؛ ليسهل عليهم تشخيص الداء، ثم من بعده تحديد الدواء المناسب، وأن يبتعدوا عن تبرير أخطائهم بالعزف على وتر المحنة والابتلاء وهواجس الفتنة المزعومة دونما جدوى. فعملية الإصلاح تحتاج إلى وقت وجهد وإعمال فكر، وعمل دؤوب، وعطاء مثمر، وعقلية حرة نقادة تعترف بالخطأ، وترجع عنه ولا تكابر.

ولا يُفْهَم من كلامي أننا نحمل مسؤولية ما جرى للإسلاميين ونبرئ الظلمة والخونة من الجرائم التي هدمت واغتالت إرادة الشعوب، فالظلمة هم المسؤولون بالدرجة الأولى عن واقعنا المأساوي، لكنْ ضعف الإسلاميين وأخطاؤهم ساعدت الظالم على التمادي في ظلمه .

فما المطلوب عمله؟.

لابد من إيجاد حلول واقعية، وتصحيح مسار وإعادة حسابات، ومعرفة العثرات والعقبات المتواجدة، وكيفية تخطيها، بالإضافة إلى إيجاد آليات فعالة لحل مشكللات وهموم المواطن البسيط، بدل الشعارات البراقة التي لاتسمن ولا تغن من جوع. وفوق كل ذلك يجب فهم سنن الله في الكون والخلق، وقراءة الواقع من خلال التعرف علي خصوصيات كل مجتمع، وفهم نفسية الإنسان المعاصر وطبيعته، وخاصة الشباب الحائر، وإيجاد لغة تخاطب جديدة للتواصل مع أبناء المجتمع الواحد بكل أطيافه، وعدم التضحية بشرعية السلطة على حساب وحدة الأمة والوطن؛ فهما متلازمان.

وأخيراً نقول: إن هذه الأنظمة الغاشمة ستتغير لا محالة؛ عاجلاً أم آجلاً. لذا فلا بد من الاستعداد لتغيرات ستحدث حتماً والتدرج في عملية التغيير، والأخذ بعوامل التمكين، والبعد كل البعد عن التطرف والغلو الذي هو آلة هدم لا آلة بناء.

والأيام دُوَل؛ فيوم لك ويوم عليك...